الجمعة، 24 ديسمبر 2010

وينشــأُ ناشئُ الفتيــانِ منــا على ما كان عوَّدهُ أبوهُ


مشى الطاووسُ يوماً باختيال ٍ       فقلّد شكلَ مشيتِهِ بنوهُ


فقال:علام تختالون؟ قـــــــالوا:          بدأتَ به ونحنُ مقلدوهُ

فخالفْ سيرَك المعوجَّ واعدلْ            فإنـا إنْ عـدلتَ مـعدلـوهُ

أما تــدري أبــانــا كلُّ فــرعٍ               يجاري بالخطا من أدبوه؟

وينشــأُ ناشئُ الفتيــانِ منــا           على ما كان عوَّدهُ أبوهُ

الأربعاء، 22 ديسمبر 2010

ألا يكفيك ؟

يكفيك من عِزِّ الطاعة أنك تُسَرُّ بها إذا عُرِفَتْ عنك

 ويَكفيك من ذُلّ المعصية أنك تَخْجَل منها إذا نُسِبَتْ إليك

،يَكفيك من التقوى الاطمئنان 

ومن المعصية نار القلق والحرمان



من حكمه

الذنوب جراحات 
و ربّ جرح وقع في مقتل
لا بدّ من سنة الغفلة و رقاد الهوى
و لكن كن خفيف النّوم فحرّاس البلد يصيحون
دنا الصّبح


الفوائد 
إبن القيّم الجوزيّة

الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

عندما يبكي الرجال

كان القمر بدراً في تلك الليلة ..
وأشعته الفضية تتسلل إلى الغرفة ذات الشباك الواحد .. و تستلقي على السرير تحت الشباك مباشرة .. فتقسمه نصفين .. 
ليلة من ليالي الربيع .. باردة النسمات .. كان يجلس على حافة السرير في الجانب المظلم منه 

.. ينظر إلى الجدار مقابله .. وقد ألقى عليه ضوء القمر ظلال قضبان زنزانة باردة .. هل أنا في سجن فعلاً .؟؟ 

لم تكن تلك القضبان إلا ظل القضبان الحديدية للشباك .. تنهد و استلقى على قفاه و غاص في السرير الكبير الفاخر .. الجوال على الطاولة .. و السيارة الجديدة تقف عند الباب .. و زوجة حسناء خرجت من عنده للتو .. و صحة و عافية
.. هل هناك سبب آخر للسعادة ؟؟ 

التفت صاحبنا إلى القمر .. فشعر بحنين جارف لا يدري ماهيته ..
ورجعت به الذاكرة سنين طويلة ..
يا لعجيب خلق الله في هذه الذاكرة .. كيف تختزل الأعوام المديدة في لحظات .. سافرت عيناه إلى القمر .. اقترب منه .. حتى أصبح ملء عينيه .. أطال في تأمله .. ثم رجع فوجد نفسه في سفح جبلٍ أشم .. في طرف من أطراف العالم المنسي ..
في صحبة فتية غرباء .. و هذا هو القمر بعينه .. الذي كان يشرف عليهم من خلف الجبل .. يشهد كلامهم .. و يسمع نشيدهم ..

كانت وجوههم تلمع بألوان الذهب و الفضة .. فتارة تعكس لون ألسنة اللهب الذهبية من النار التي يتحلقون حولها .. فإذا خفت اللهب ..
انعكست على وجوههم أشعة القمر الفضية ..
لم يتذكر نشيدهم .. ربما كانوا يرددون .. لبيك لبيك لبيك .. أو كلمة نحوها .. كان كل واحد منهم يحتضن رشاشه في حنان و مودة .. و كأنه طفله بين يديه .. 

قصصهم شبيهة بالأساطير .. فهذا يسند رأسه على سبطانة سلاحه .. و يقص حكايات بلاد المغرب .. التي جاء منها .. و هذا يروي قصص أقصى الشرق .. 
و آخر بدوي يروي قصة صحراء مهلكة .. و كيف وصل إلى بلاد لم يسمع بها أبداً .. لم يتخلل جلستهم رنين جوال أو بيجر ..
و لم يكدر صفوها صوت مذيع .. أو معلق كرة .. لا تتوسطهم لمبة كهربائية .. لا أزيز محرك .. و لا أنوار من بعيد .. و لم يكن هناك أي أثر للسيارات ..
ليس ثمة إلا القمر .. و الحطب .. و الخيل صافنات قد ربطت إلى الشجر .. 

ضحكات متفرقة .. تقطع هدوء الوادي المهجور .. .. لقد أحبهم كما لم يحب أحداً من قبل .. كم هو في شوق لتلك الجلسة .. قطع عليه سيل الذكريات صوت الباب .. رجعت عرسه و قد اغتسلت .. فزادها الماء بهاءاً و جمالاً .. نظر إليها .. جميلة .. كما أرادها و تمناها .. 

تذكر أولئك الفتية .. و كيف كانوا يشربون الشاي و يتحدثون عن العرس .. أي عرس .. و قد كانت النساء أبعد ما تكون عنهم .. ربما أقرب امرأة من جلستهم تلك مسيرة أربعة أيام .. أي عرس .. و أي امرأة ترضى بهم .. و بثيابهم الرثة .. و جيوبهم الخاوية .. طبقات التراب على أجسادهم .. يشتكي بعضها من بعض .. و القمل يتزاحم على رؤوسهم .. لا يملكون بيوتاً و لا حتى خياماً .. لا يملكون مهوراً .. إلا .. دماءهم .. فهل هناك من ترضى بالدم مهراً لها ؟؟ .. 

نعم .. كان هناك نساءاً يحبون هذا النوع من المهور الغالية .. بعيدات جداً .. قريبات جداً .. بعيدات بعد السماء .. قريبات .. أقرب لأحدهم من شراك نعله .. فبين أحدهم و بين عرسه طلقة أسرع من الصوت .. أو شظية كانت في طريقها إليه و هو في مكانه ذلك ربما لن تمهله حتى ينتهي من كأس الشاي .. أو لغم متحفز له على بعد أمتار من جلستهم .. ينتظر قفوله .. يكمن بينه و بين حصانه .. 

كانت الحور العين .. أقرب إليهم من نساء الدنيا .. ذلك العرس الذي كانوا يتحدثون عنه .. بشوق .. 

و هذا العرس الذي كان يحدث به نفسه .. بشوق أيضا .. كانوا يتحدثون .. و كان الله أعلم بما في قلوبهم .. لقد حضر زفاف أكثرهم .. فقد دفنهم الواحد تلو الآخر .. .. ثم رجع لعرسه الذي تمنى .. و لم يحضر زفافه أحد منهم .. 

دمعة حارة .. تدحرجت على خده .. ليتني صدقت مع الله .. كما صدقوا .. مسحت عروسه الدمعة .. . ما الذي يبكيك أيها الحبيب .. أفي ليلة مثل هذه يبكي الرجل .. هل رأيت مني ما يكدرك .. بكت معه .. و لم تدري ما به .. و لن يدري أحد ما به .. و لا حتى هو نفسه .. ربما يبكي شوقاً إليهم .. أو حزناً عليهم .. أو على نفسه .. ربما يبكي لأنه تذكر ذلك الشرط المخيف .. لمن أراد أن يلحق بهم .. 

شرط .. و مــــا بـــدلـــوا تــبــديـــلاً .. 

  • عندما يبكي الرجال, اللهم ألحقنا بهم.. واجعلنا ممن يضحكون دنيا وآخره

إمتحــــان القلوب

لماذا الحديث عن القلب ؟
لأنّ القلب ليس بالأمر الهين
 ولا السهل
 فلا أحد أعلم بأحوال هذا القلب وما ينتابه من خالقه (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ)
و لأثره في حياة الإنسان فهو الموجه والمخطط، والأعضاء والجوارح تنفذ
يقول أبو هريرة رضي الله عنه:القلب ملك، والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث القلب خبثت جنوده  
ومن الأسباب الجوهرية للحديث عن هذا الموضوع غفلة كثير من الناس عن قلوبهم، فتجد البعض  يتوسع في بحث بعض الأعمال الدقيقة، ويتفقه فيها فقها عجيبا، في حين يغفل البحث في أعـمال القلب وأحوالـه، وأدوائه وعلله، وهذا أهمّ وأجلّ


كـما أننا نشهد من يتخصص في أنواع العلوم كالحديث والفقه والتفسير والنحو والفرائض وغيرها، فيتقن هذه العلوم، ويبلغها الناس، فنحن بحاجة إلى من يتقن الحديث عن مقامات القلب وأحواله، وأعماله وعلله وأدوائه، فيعلمها الناس ويصحح مقاصدهم ونياتهم

يقول الله -تعالى- على لسان نبيه إبراهيم صلى الله عليه وسلم (وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
و يقول أيضا: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ)
كم ننشغل في أشياء كثيرة من أمور دنيانا ومعاشنا ووظائفنا، وإذا بقي لنا شيء من الاهتمام أعطيناه لأعمالنا الظاهرة.

وأما هذا القلب فقليل منا من ينظر إليه، ويعطيه الاهتمام اللائق به

قلوبنا -أيها الأخوة- ممتحنة صباح مساء، تمتحن في كل لحظة من لحظات حياتنا، فهل نحن منتبهون لهذا، فغلطة واحدة قد تودي بحياة هذا القلب، وتحبط ذلك العمل
 روى حذيفة بن اليمان رضي الله عنهعن النبي، صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودا عودا فأيُّ قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها   نكت فيه نكتة بيضاء، حتي تصيرعلى قلبين: على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مُرْبَادّا كالكوز مُجَخيِّا لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه " 
في الحـديث التعبـير بالفعل المضارع (تعرض)، وهو هنا يدل على استمرار البلاء والامتحان: كما أن هذه الفتن لا تأتي دفعة واحدة، وإنما شيئا فشيئا حتى يصبح القلب أسود -والعياذ بالله- أو يسلمه الله فينجح في الامتحان فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض.

و في الختام أذكّر بقوله عزّ و جلّ :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ


منقول من كتاب إمتحان القلوب
د. ناصر بن سليمان العمر

الاثنين، 20 ديسمبر 2010

الفتــــــور

يقول الراغب الأصبهاني في مفردات القرآن: الفتور: سكن بعد حدة، ولين بعد شدة، وضعف بعد قوة
 قال تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ
يقول الإمام علي رضي الله عنه النفس لها إقبال وإدبار، فإذا أقبلت فخذها بالعزيمة والعبادة، وإذا أدبرت فأقصرها على الفرائض والواجبات
بعض الناس تكون نفسه منصرفة، فيه ثقل، فيجبر نفسه على ماذا؟ على النوافل ما الذي يحدث؟
يبدأ يحس بثقل شديد في النوافل، حتى بعد فترة طويلة
 لا
 إذا قصرت نفسه وثقلت، فاتركها لكن لا تتخلى عن الفرائض والواجبات، وإذا أقبلت نفسك، انشرحت فخذها بالعزيمة.
أحيانا تجد من نفسك رغبة في الصلاة، العبادة، فإذا وجدت هذه الرغبة، خذ النفس فيها، وأحيانا تحس بثقل، فأقصرها على الأقل، ولو تقصرها على الوتر ثلاث ركعات، أو ركعة واحدة.
أحيانا تجد عندك النفس مقبلة لقراءة كتاب الله -جل وعلا- فخذها، ولو تقرأ في اليوم عشرة أجزاء، وأحيانا تجد ثقلا فأقصرها على وردك اليومي، وحتى لو تركت الورد، وإن كان هذا يحدث خللا كما ذكر ابن تيمية، فإنك تعود أقوى -بإذن الله- إلى ذلك.
ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "  ما تواد اثنان في الله عز وجـل أو في الإسلام، فيفرق بينهما أول ذنب " وفي رواية "  ففرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما "  
إن الإنسان يكون له أصحاب، إذا وجدهم فرح بهم، إذا كلموه بالهاتف لمس أهله السرور على وجهه
وبعد فترة وبعد زمن فإذا هو يتوحش ويستوحش منهم
إذا قيل له: إن فلانا على الهاتف قال: اصرفوه، إذا قيل له: إن فلانا عند الباب قال: اعتذروا منه، إن لاقاه في الشارع أو في مناسبة من المناسبات فإذا بينهما وحشة، ومجاملة وثقل ويتمنى متى ينصرف عنه
هذه من علامات الفتور.
فبعد الحب وبعد اللقاء وبعد الأخوة في الله -جل وعلا- فإذا هو يتحول إلى جفاء، وإلى نفور، وإلى وحشة، بسبب ذنب أحدثه أحدهما أو كلاهما.
فيميل الإنسان إلى العزلة، أو يستعين بإخوانه السابقين، آخرين يسجون وقته ويستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير


منقول من كتاب : الفتور المظاهر-الأسباب-العلاج 
د. ناصر بن سليمان العمر

الأحد، 19 ديسمبر 2010

و من مّا قرأته و أعجبني

قول الخليل بن أحمد : "ما سمعت شيئًا إلا كتبته ، ولا كتبت شيئا إلا حفظته ، ولا حفظت شيئا إلا انتفعت به"

و قال عمار بن رجاء الحافظ الثقة: سمعت عبيد بن يعيش (الحافظ الحجة) يقول : أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدي بالليل ، كانت أختي تلقمني و أنا أكتب 

و يقول أحمد بن عقبة : سألت يحيى بن معين (الإمام الحافظ شيخ المحدثين)، كم كتبت من الحديث ؟ قال : كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث 

وروي عن الربيع أنه قال : خرج علينا الشافعي ذات يوم ونحن مجتمعون فقال لنا : اعلموا رحمكم الله أن هذا العلم يندُّ كما تند الإبل ، فاجعلوا الكتب له حماة ، والأقلام عليه رعاة  


وقال أبو صالح الفراء قال: سألت ابن المبارك عن كتاب الحديث فقال: لولا الكتاب ما حفظنا  

بسم الله نبدأ

بـــــــــسم الله الحمد لله و الصلاة و السّلام على رسول الله
خير ما أبدأ به كلام الله
يقول عزّ و جلّ : ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين
فكرة هذه المدوّنة 
رأيت أن أجمع فيها متفرقات من خواطري و ممّا قرأت و آطلعت عليه
يقول الشّاعر
 العلم صيد و الكتابة قيده ...قيد صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة ... وتتركها بين الخلائق طالقة
فما جمعت فيه من خير و مفيد فبتوفيق من الله و أسأله أن ينفع به و ما كان غير ذلك  فمن الشيطان و نفسي و أستغفر الله منه
أفضل ما تهديه لأخيك دعوة في ظهر الغيب